تقرير حول زيارة وزيرة الخارجية الألمانية إلى الصين

مشاركة المقالة:

قامت وزيرة الخارجية الألمانية السيدة انالينا بيربوك بزيارة للصين بتاريخ 2 ديسمبر 2024م لمدة يومين، وتكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة نظرا للعلاقات المهمة و”التنافسية” في نفس الوقت مع الصين، ومع كثير من الملفات الساخنة والمعقدة بين البلدين

ركزت السيدة بيربوك في مباحثاتها، بحسب تصريحاتها، على الحرب في أوكرانيا والعلاقة الصينية الروسية.

بيان وزيرة الخارجية الألمانية قبيل الزيارة

قبيل زيارتها صرحت السيدة بيربوك بضرورة مناقشة سياسة المناخ وايضا القضايا الجيوسياسية، وبأن أمن المانيا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمن مناطق أخرى من العالم، مضيفة بأن التبادل والدبلوماسية أكثر أهمية من أي وقت مضى – حتى مع أولئك الذين يرون الأشياء بشكل مختلف عن المانيا، مؤكدة على ضرورة الاستمرار في تعزيز فكرة أن التعاون أفضل من المواجهة مشيرة الى ان هذا المبدأ تم تحقيقه في باكو نتيجة لأن أوروبا والصين عملتا معًا على نهج جديد لتمويل المناخ.

وأشارت الوزيرة في تصريحها حول الزيارة ان المانيا تمثل أكبر اقتصاد في أوروبا وعليها الدفاع عن مصالحها تمامًا كما تفعل القيادة الصينية من أجل مصالحها، تحت مبدأ التعاون حيثما أمكن، والاستقلال حيثما كان ذلك ضروريًا، مشددة على انه إذا أسيء استخدام المنافسة الاقتصادية لصالح المنافسة على النظام، فلن تغض المانيا الطرف عن ذلك، وبأن السياسة الاقتصادية هي أيضًا سياسة أمنية.

كما اشارت الى انه لن يكون هناك تسامح مع انتهاك الآخرين لقواعد اللعبة الدولية على حساب الصناعة الألمانية والأوروبية ــ سواء من خلال الإفراط في الإنتاج المدعوم من الدولة أو في قضية حقوق الإنسان، وان المانيا بصفتها دولة اوروبية فإنها تقف وراء مفوضية الاتحاد الأوروبي، التي تتمتع بتفويض قوي لإيجاد حل مع الصين من أجل المنافسة العادلة وتكافؤ الفرص.

كما وجهت السيدة بيربوك خلال بيانها قبيل الزيارة انتقادا حادا للصين قالت فيه ” في اجتماع مجموعة السبع الأسبوع الماضي، تبادلنا وجهات النظر مع شركائنا من منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وأصبح من الواضح مرة أخرى أن جميع الدول التي تدعم النظام الدولي القائم على القواعد تشترك في نفس المخاوف، وتُظهِر الحرب في أوكرانيا مدى ارتباط أمننا في أوروبا وآسيا ارتباطاً وثيقاً، وإذا أرسلت كوريا الشمالية جنوداً وأسلحة ضد أوكرانيا بينما تدعم روسيا البرنامج النووي لبيونج يانج، فإن هذا يعرض السلام هنا وفي منطقة المحيطين الهندي والهادئ للخطر، وبدلاً من تحمل المسؤولية عن السلام والأمن في العالم باعتبارها عضواً دائماً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تعارض الصين مصالحنا الأوروبية الأساسية من خلال مساعداتها الاقتصادية والأسلحة لروسيا، وتشكل حرب العدوان الوحشية التي يشنها بوتن ضد أوكرانيا تهديداً مباشراً لسلامنا، وسأتحدث أيضاً في بوضوح أننا لا نستطيع ببساطة أن نتجاهل هذه الحقيقة في علاقاتنا مع الصين.”

الجولة السابعة للحوار الاستراتيجي الصيني الألماني حول الدبلوماسية والأمن

والتقت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بنظيرها الصيني وانغ يي في بكين يوم الإثنين الثاني من ديسمبر 2024، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في وقت سابق إن بيربوك ترغب في مناقشة الحرب الروسية ضد أوكرانيا وحالة حقوق الإنسان في الصين، من بين أمور أخرى، وأوضح المتحدث الصيني أنه من المقرر إجراء المزيد من المحادثات السياسية في العاصمة بكين، فضلا عن اجتماع مع ممثلي الأعمال الألمان.

وقد عقد اللقاء بين الوزيرين كجولة سابعة للحوار الاستراتيجي الصيني الألماني بشأن الدبلوماسية والامن، وقال وزير الخارجية الصيني ان الصين حافظت على سياسة مستقرة وثابتة تجاه المانيا واعبرت المانيا كشريك مهم منذ بداية العلاقات معها، مشيرا الى ان هناك اختلافات بين البلدين الا انها لا يجب ان تكون عقبات امام التعاون او سببا في مواجهة.

كما قال عقب اللقاء بالسيدة بيربوك بأن الصين وألمانيا يمثلان ثاني وثالث أكبر اقتصاد في العالم وهذا يجعل لزاما عليهما التغلب على العقبات والتمسك بالحوار والتعاون وابعاد عقلية المواجهة وان يتم مكافحة التهديدات الخارجية والتعامل مع التحديات العالمية بشكل مشترك.

كما أشار الوزير الصيني في اللقاء الى ضرورة تصميم فهم استراتيجي وان الصين قوة من اجل السلام والتنمية والاستقرار في العالم وتتمتع باستراتيجية وتوجه سياسي منفتح ونزيه وان على الجانبين الالتزام بالاحترام والفهم المتبادل وتنفيذ التعاون على أساس المنفعة المتبادلة، كما قال ان العلاقات الصينية الألمانية لا تستهدف أي طرف ثالث ولا ينبغي ان تخضع لتأثير أي طرف ثالث، كما أضاف ان فرض الاتحاد الأوروبي للرسوم الجمركية لمكافحة الدعم على المركبات الصينية الكهربائية ينتهك مبادئ المنافسة النزيهة والتجارة الحرة، وبات هذا الامر قضية بارزة في العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي.

وأشار الوزير الصيني الى امله ان تنظر المانيا وأوروبا الى تنمية الصين بموضوعية وعقلانية وتتبنى سياسة نشطة وبرجماتية تجاه الصين من خلال الحوار والتشاور

كما قالت السيدة بيربوك في اللقاء ان المانيا تولي اهتماما كبيرا لعلاقتها مع الصين وتلتزم بشدة بسياسة صين واحدة، وقالت انه يتعين إبقاء الحوار الصريح والاستراتيجي مع الصين للحافظ على الاتجاه الصحيح وتعزيز الاتصالات الاستراتيجية لتنمية العلاقات والاسهام في السلام العالمي.

واشادت بالدور الصيني في التصدي لظاهرة تغيير المناخ، وأكدت ان المانيا تدعم المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والصين بشأن قضية المركبات الكهربائية من اجل التوصل الى حل مقبول للطرفين.

التحليل:

جدير بالذكر ان وزيرة الخارجية الألمانية اتهمت، في وقت سابق للزيارة، الصين بتزويد روسيا بالأسلحة في حربها ضد أوكرانيا وتهديد السلام في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، كما انه من المهم الإشارة الى ان اللقاء لم يتضمن مؤتمرا صحفيا للوزيرين وقد يكون السبب الأبرز لهذا الامر زيارة بيربوك الأخيرة إلى بكين في أبريل 2023، عندما وجهت السيدة بيربوك انتقادات علنية واضحة لسياسة الصين تجاه روسيا ورد وزير الخارجية الصيني وقتها بأن الصين لا تحتاج إلى محاضرة من ألمانيا.

تمثل العلاقات مع الصين واحدة من أهم مفاصل السياسة الخارجية الألمانية، وقد أعلنت الحكومة الألمانية” إستراتيجية الصين” والتي وصفت فيها المانيا الصين بأنها شريك ومنافس “في الوقت الذي وصفت فيه روسيا في استراتيجيتها الأمنية بالخصم الرئيسي” وتقول ألمانيا إنها تحاول في هذه الإستراتيجية ان توازن بين عدة عوامل مثل التحدي الذي تمثله الصين على الساحة الدولية خاصة في الفترة الأخيرة، والمصالح الاقتصادية الحساسة والملحة، والسلوك السياسي الصيني الذي تقول ألمانيا انه لا يتوافق مع قيم حقوق الإنسان، وبلا شك ان الموقف الصيني حيال الحرب الروسية الأوكرانية أحد أهم عوامل هذا التقييم والإستراتيجية الألمانية تجاه الصين، وقد حذر باحثون ألمان بأن الخيارات الصعبة بخصوص الصين إن لم تتخذ الان ستحدث التغييرات على أرض الواقع، ولكن لن تكون ألمانيا هي من تصيغها.

ويعرف المركز الألماني للإعلام التابع لوزارة الخارجية الألمانية استراتيجية الصين بأنها “تحدد وجهة نظر الحكومة الألمانية وضع العلاقات مع الصين وآفاقها، وتمكن الاستراتيجية الجديدة الحكومة الألمانية من تحقيق القيم والمصالح الألمانية بشكل أفضل في إطار هذه العلاقات المعقدة، إنها توضح الطرق والأدوات لمواصلة التعاون مع الصين في مواجهة المنافسة والتنافس المنهجي دون تعريض أسلوب حياتنا الحر والديمقراطي، أو سيادتنا، أو ازدهارنا، أو شراكاتنا مع الآخرين أو أمننا للخطر. كما أنها تهدف إلى تحديد الإطار الذي يمكن لفُرادى الوزارات من خلاله تشكيل سياساتها تجاه الصين بشكل يتسم بالاتساق. وينبغي أن تشكل الاستراتيجية الأساس لزيادة تنسيق السياسة إزاء الصين في ألمانيا وأوروبا وخارجها.”

مقالات ذات صلة

تقرير رصد السياسة الخارجية الالمانية تجاه الشرق الأوسط 5 مايو 2025

محتوى التقرير:   - رصد أهم تحركات السياسة الخارجية الألمانية. - تقرير حول دراسة مؤسسة SWP الألمانية عن سياسة الحكومة الإسرائيلية -...

تقرير رصد السياسة الخارجية الالمانية تجاه الشرق الأوسط

محتوى التقرير: - رصد أهم تحركات السياسة الخارجية الألمانية. - تقرير للخارجية الألمانية بعنوان استئناف القتال في غزة – ألمانيا...

تقرير حول مضمون دراسة SWP “القرن الأفريقي: حان وقت الدبلوماسية الوقائية”

اسم الكاتب: Gerrit Kurtz رابط الدراسة: https://www.swp-berlin.org/en/publication/horn-of-africa-time-for-preventive-diplomacy تاريخ النشر: 22 مارس 2025 المصدر: معهد Stiftung Wissenschaft und Politik (SWP) - المعهد...

زيارة الملك عبد الله الثاني إلى برلين ومشاركته في القمة العالمية الثالثة للإعاقة

في يوم الأربعاء الموافق 2 أبريل 2025، وصل جلالة الملك عبد الله الثاني، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، إلى...