دراسة للمعهد الألماني للقضايا الأمنية والدولية بعنوان: رؤية السعودية 2030 وولاية ترامب الثانية

مشاركة المقالة:

نشر المعهد الألماني للقضايا الأمنية والدولية SWP دراسة حول رؤية السعودية 2030 وولاية ترامب الثانية، المعهد يعتبر من اهم مراكز الدراسات ويرفع تقاريره ودراساته لصناع القرار في المانيا.

كتب الدراسة: Dr Stephan Roll هو زميل أول في قسم أبحاث أفريقيا والشرق الأوسط، Antonia Thies هي باحثة دكتوراه في جامعة فريدريش ألكسندر إرلانجن نورمبرج.

فيما يلي ملخص حول أهم ما جاء في الدراسة:

“إن التوقعات في المملكة العربية السعودية متباينة قبل تولي دونالد ترامب الرئاسة الثانية الوشيكة. فمن ناحية، تحافظ العائلة المالكة على علاقات تجارية وثيقة مع الرئيس المنتخب وحاشيته، وهو ما قد يؤدي إلى وصول متميز إلى البيت الأبيض. ومن ناحية أخرى، فإن سياسة ترامب في الشرق الأوسط، وموقفه العدائي تجاه الصين وخططه لزيادة الإنتاج المحلي من النفط، كلها عوامل قد تعرض للخطر التحول الجاري في المملكة في ظل أجندتها التنموية الطموحة “رؤية 2030”. وهذا يوفر فرصا لألمانيا وشركائها الأوروبيين لتكثيف التعاون مع المملكة، وخاصة من أجل تعزيز مصالحهم الاستراتيجية في مواجهة واشنطن.

تمر المملكة العربية السعودية حاليا بتحول شامل. وتهدف “رؤية 2030″، وهي أجندة تنمية أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وتم تمويلها إلى حد كبير من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي، إلى تنويع اقتصاد البلاد والحد من اعتمادها على النفط. وتشمل التدابير الرئيسية تعزيز القطاع الخاص، وبناء المدن المستقبلية وتنمية الموارد الطبيعية إلى جانب النفط. ومع ذلك، بدأت المشاكل في الظهور الآن: كان تدفق الاستثمار المباشر الخاص أقل بكثير من أهداف الحكومة؛ وبسبب المالية العامة الضيقة، كان من الضروري إجراء تخفيضات كبيرة على المشاريع المهمة في عام 2024. وبالتالي، فإن تنفيذ “رؤية 2030” يعتمد بشكل أكبر على الاستقرار المستدام في المنطقة، والتحسن المرتبط به في مناخ الاستثمار ومستوى مرتفع من الإيرادات الحكومية. وعلى وجه التحديد، فإن ترسيخ هذه المتطلبات الأساسية هو ما قد يعرضه دونالد ترامب لولاية ثانية كرئيس للخطر.

حتى الآن، ليس من الواضح كيف تنوي الإدارة الأميركية الجديدة التعامل مع الصراعات في الشرق الأوسط وما إذا كانت ستساهم في استقرار المنطقة. ونظراً للمتشددين في الدائرة الداخلية لترامب، فمن الممكن أن تتبنى واشنطن موقفاً أكثر مواجهة تجاه إيران. والواقع أن الرئيس المنتخب اتخذ موقفاً أكثر صرامة بالفعل مع طهران خلال ولايته الأولى بإلغاء الاتفاق النووي. في البداية، كانت هذه السياسة مكملة لمصالح المملكة العربية السعودية، التي كانت حريصة على إضعاف جارتها الكبيرة. ومع ذلك، بعد أن نفذ حلفاء إيران هجوماً بطائرات بدون طيار وصواريخ على منشآت النفط السعودية في منتصف سبتمبر 2019، غيرت الرياض مسارها. ومنذ ذلك الحين، سعت المملكة العربية السعودية إلى إقامة علاقات جيدة مع إيران، التي تعتبرها مفتاحاً للاستقرار الإقليمي. ومن جانبهم، يدعو مستشارو ترامب بشكل متزايد إلى توجيه ضربات عسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني.

وبالمثل، قد تتعارض خطط ترامب فيما يتصل بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني مع المصالح السعودية. فالرياض تحث على ترسيخ احتمالات حل الدولتين بشكل واضح، في حين يظل ترامب متحفظا بشأن هذه القضية. وقد تؤدي علاقاته الوثيقة مع حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي تحدث مرارا وتكرارا ضد الدولة الفلسطينية، إلى تعقيد الجهود الرامية إلى إيجاد حل مستدام للصراع.

المواجهة بين واشنطن وبكين

أصبحت العلاقات الاقتصادية مع جمهورية الصين الشعبية أكثر أهمية لتنفيذ خطة التنمية السعودية في السنوات الأخيرة. منذ عام 2010، حلت الصين تدريجيًا محل الولايات المتحدة كأكبر مستورد للنفط الخام السعودي، مما يجعلها الشريك التجاري الأكثر أهمية للمملكة. وبالتالي تجد الرياض نفسها تؤدي مهمة الموازنة بين بكين، الشريك الاقتصادي المتزايد الأهمية، وواشنطن، الضامن الأمني ​​ لها.

إذا حاول ترامب الضغط على المملكة العربية السعودية لتخفيف أو حتى التخلي عن علاقاتها الاقتصادية مع بكين، فإن الرياض ستواجه صعوبات كبيرة. على سبيل المثال، تعتمد خطة المملكة لتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي كجزء من برنامجها “رؤية 2030” إلى حد ما على كل من الأجهزة الصينية وأشباه الموصلات والخبرة الأمريكية. وسط مخاوف متزايدة بشأن تكثيف العلاقات بين الصين ودول الخليج، وفي عهد ترامب، قد يكون هناك ضغط أكبر من أجل عمليات سحب استثمارات إضافية.

النفط

إن خطط ترامب لسياسة توسعية لإنتاج النفط والغاز قد تشكل عبئا آخر على تنفيذ “رؤية 2030”. ان زيادة إنتاج النفط في الولايات المتحدة قد تؤدي إلى انخفاض الأسعار في سوق النفط العالمية. وهذا بدوره من شأنه أن يفرض ضغوطا على الميزانية السعودية، التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، مما يجعل تمويل خطط التنمية السعودية أكثر صعوبة.

إعادة التأمين للرياض:

إن حقيقة أن القيادة السعودية ظلت واثقة بشكل واضح في مواجهة كل الشكوك بعد إعادة انتخاب ترامب ربما يرجع ليس فقط إلى العلاقات التجارية الوثيقة التي تحافظ عليها معه وحاشيته. لقد أصبح مدى قرب هذه العلاقات واضحًا بعد فترة وجيزة من فوز ترامب في الانتخابات عندما التقى ياسر الرميان، وهو أحد المقربين من ولي العهد محمد بن سلمان ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة، بترامب في نيويورك.

كما ان العلاقات التجارية مع صهر ترامب جاريد كوشنر وثيقة بشكل خاص. خلال فترة ولاية ترامب الأولى، كان كوشنر يُعتبر أحد أهم المدافعين عن المملكة العربية السعودية في البيت الأبيض، وخاصة بعد مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي. وبعد رحيل والد زوجته من البيت الأبيض، نقل صندوق الاستثمارات العامة 2 مليار دولار أمريكي إلى شركة الاستثمار الخاصة لكوشنر – على الرغم من المخاوف داخل صندوق الاستثمارات العامة بشأن خبرته في إدارة الأسهم الخاصة.

كما يحافظ إيلون ماسك – الذي يُقال إنه الآن الشخص الأكثر نفوذاً في دائرة ترامب – على علاقات تجارية مع صندوق الثروة السيادية السعودي.

التوقعات والتداعيات على ألمانيا والاتحاد الأوروبي

بفضل علاقاتها التجارية، من المرجح أن تتمتع المملكة العربية السعودية بسهولة نسبية في الوصول إلى دونالد ترامب. وقد يكون الارتباط بإيلون ماسك، على وجه الخصوص، مفيدًا للمملكة، حيث يحافظ رجل الأعمال التكنولوجي على علاقات تجارية وثيقة مع الصين ومن المرجح أن يهدف إلى منع تصعيد الصراع بين واشنطن وبكين. وربما كان اجتماع ماسك المفاجئ مع السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة، والذي ورد أن الرجلين ناقشا فيه السبل الممكنة لتهدئة التوترات في الشرق الأوسط، في مصلحة الرياض إلى حد كبير.

ومع ذلك، تواجه المملكة احتمال أن تجعل سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة من الصعب تحقيق “رؤية 2030” في السنوات القادمة. بالإضافة إلى ذلك، ربما اعتبرت الرياض الإشارات المتكررة لترامب خلال الحملة الانتخابية إلى اعتماد المملكة العربية السعودية على الولايات المتحدة لأمنها بمثابة تهديد. ومن غير المرجح أن تعتمد القيادة السعودية على علاقاتها التجارية مع ترامب وحاشيته بشكل حصري، بل ستسعى إلى كسب حلفاء جدد يدعمون موقفها تجاه واشنطن. ومن اللافت للنظر أن الرياض تمتنع حاليا عن تعزيز علاقاتها ليس فقط مع الصين، بل وأيضا مع روسيا، كما يتضح من ترددها حتى الآن في الانضمام إلى مجموعة دول البريكس. ويتعين على ألمانيا وشركائها الأوروبيين أن ينتبهوا إلى هذا الأمر أكثر مما فعلوا حتى الآن. وكجزء من مواءمة مصالحهم الإجمالية مع مصالح المملكة، يتعين عليهم أن يستكشفوا إمكانات وحدود تكثيف التعاون.

وتظل المملكة العربية السعودية الشريك الرئيسي لأوروبا في المنطقة في الصراع حول البرنامج النووي الإيراني. وينطبق نفس الشيء على التحديات الإقليمية الأخرى، مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني: فمثل السعوديين، يلتزم الأوروبيون بحل الدولتين. والواقع أن هناك تداخلات كبيرة في مصالح الجانبين هنا في مواجهة الإدارة الأميركية الجديدة.

بيد أن الوضع فيما يتصل بالصين أكثر تعقيدا. فمثل المملكة العربية السعودية، كما هو موضح في “رؤية 2030″، يسعى الأوروبيون إلى إقامة علاقات اقتصادية مستقرة وجيدة مع جمهورية الصين الشعبية وليس لديهم مصلحة في حرب تجارية محتملة. ولكن يتعين عليهم مع ذلك دعم النهج الأميركي تجاه نقل التكنولوجيات الحديثة عندما يكون القصد منع تدفق التكنولوجيات الحساسة أو المتعلقة بالدفاع إلى الصين والالتفاف على العقوبات القائمة.

وأخيرا، يتعين على أوروبا أن تستخدم ما قد يكون مصالح متباينة بين الرياض وواشنطن بشأن أسعار النفط من أجل متابعة هدفها الاستراتيجي بقوة أكبر: إضعاف روسيا في أسواق الطاقة الدولية. ويبدو التوقيت مناسبا، حيث تشعر المملكة العربية السعودية بالإحباط بشكل متزايد إزاء تراجع هيمنتها داخل أوبك+. ونظرا لأسعار السوق العالمية المنخفضة نسبيا اليوم وحصص الإنتاج الثابتة، فمن المرجح أن تكون الرياض أقل ميلا إلى مراعاة مصالح الدول المصدرة للنفط الأخرى ــ وخاصة روسيا، باعتبارها ثاني أكبر مصدر بعد المملكة العربية السعودية. وبالتالي، بالتنسيق مع واشنطن، يمكن للأوروبيين دراسة سبل فرض المزيد من القيود على صادرات النفط الروسية من خلال عقوبات إضافية. ومن شأن زيادة معتدلة في حصة الإنتاج السعودية أن تعوض أي زيادة في الأسعار نتيجة لخفض الإمدادات.

رابط الدراسة كاملة:

https://www.swp-berlin.org/en/publication/saudi-arabias-vision-2030-and-trumps-second-term

 

مقالات ذات صلة

تقرير رصد السياسة الخارجية الالمانية تجاه الشرق الأوسط 5 مايو 2025

محتوى التقرير:   - رصد أهم تحركات السياسة الخارجية الألمانية. - تقرير حول دراسة مؤسسة SWP الألمانية عن سياسة الحكومة الإسرائيلية -...

تقرير رصد السياسة الخارجية الالمانية تجاه الشرق الأوسط

محتوى التقرير: - رصد أهم تحركات السياسة الخارجية الألمانية. - تقرير للخارجية الألمانية بعنوان استئناف القتال في غزة – ألمانيا...

تقرير حول مضمون دراسة SWP “القرن الأفريقي: حان وقت الدبلوماسية الوقائية”

اسم الكاتب: Gerrit Kurtz رابط الدراسة: https://www.swp-berlin.org/en/publication/horn-of-africa-time-for-preventive-diplomacy تاريخ النشر: 22 مارس 2025 المصدر: معهد Stiftung Wissenschaft und Politik (SWP) - المعهد...

زيارة الملك عبد الله الثاني إلى برلين ومشاركته في القمة العالمية الثالثة للإعاقة

في يوم الأربعاء الموافق 2 أبريل 2025، وصل جلالة الملك عبد الله الثاني، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، إلى...