الثوابت والمتغيرات: مؤشرات السياسة الخارجية الألمانية تجاه الشرق الأوسط في ظل الحزب المسيحي الديمقراطي

مشاركة المقالة:

يُعد الحزب المسيحي الديمقراطي (CDU) أحد أبرز الأحزاب السياسية في ألمانيا، حيث قاد البلاد لفترات طويلة، أبرزها تحت قيادة المستشارة أنغيلا ميركل (2005-2021). تتميز السياسة الخارجية الألمانية في ظل حكم هذا الحزب بالتوازن بين الالتزامات التاريخية، خاصة تجاه إسرائيل، والسعي لتعزيز الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط. يهدف هذا التقرير إلى استعراض مؤشرات السياسة الخارجية الألمانية تجاه الشرق الأوسط خلال فترات حكم الحزب المسيحي الديمقراطي، مع التركيز على الثوابت الأساسية والمتغيرات التي فرضتها التحديات الإقليمية والدولية.

  1. 1. الثوابت التاريخية والأخلاقية

تُشكل العلاقة مع إسرائيل حجر الزاوية في سياسة الحزب المسيحي الديمقراطي تجاه الشرق الأوسط. ينطلق هذا الموقف من المسؤولية التاريخية لألمانيا تجاه الشعب اليهودي بسبب الهولوكوست. في عام 2008، أكدت ميركل أن “أمن إسرائيل جزء لا يتجزأ من وجود ألمانيا”، وهو موقف عززته الحكومات المتعاقبة بقيادة الحزب من خلال:

الدعم العسكري: توفير أسلحة دفاعية مثل الغواصات من طراز دولفين لإسرائيل.

التعاون السياسي: التنسيق الوثيق مع إسرائيل في المحافل الدولية، مع التأكيد على حل الدولتين كإطار للسلام مع الفلسطينيين.

هذه الثوابت تعكس رؤية الحزب المحافظة التي تجمع بين القيم المسيحية والالتزام بالديمقراطية وحقوق الإنسان.

  1. 2. الاستجابة للأزمات الإقليمية

خلال فترة حكم الحزب المسيحي الديمقراطي، واجهت ألمانيا تحديات كبرى في الشرق الأوسط، أبرزها:

أزمة اللاجئين السوريين (2015): تحت قيادة ميركل، اتخذت ألمانيا موقفاً إنسانياً بارزاً بفتح أبوابها لأكثر من مليون لاجئ، معظمهم من سوريا. هذا القرار، رغم انتقاداته الداخلية من اليمين المتطرف، عكس التزام الحزب بدعم استقرار المنطقة عبر تخفيف الضغط الإنساني.

الحرب على داعش: شاركت ألمانيا في التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” منذ 2015، مقدمة دعماً استطلاعياً وتدريبياً للقوات العراقية، مع تجنب الانخراط المباشر في العمليات القتالية، مما يعكس نهجاً حذراً في التدخل العسكري.

العلاقات مع إيران: حافظ الحزب على موقف متوازن تجاه إيران، داعماً الاتفاق النووي (2015) كوسيلة للحد من التوترات، مع التأكيد على ضرورة احتواء النفوذ الإيراني في المنطقة.

  1. 3. التوجهات الاقتصادية والدبلوماسية

التعاون الاقتصادي: سعت ألمانيا تحت حكم الحزب المسيحي الديمقراطي إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات، من خلال صفقات تجارية واستثمارات في مجالات الطاقة والتكنولوجيا.

الدبلوماسية متعددة الأطراف: فضل الحزب العمل ضمن إطار الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لمعالجة قضايا الشرق الأوسط، مثل دعم المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية وتقديم مساعدات إنسانية للمناطق المنكوبة.

  1. 4. المتغيرات والتحديات

صعود اليمين المتطرف: أثر صعود حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) على السياسة الخارجية للحزب المسيحي الديمقراطي، حيث اضطرت ميركل لتشديد سياسات الهجرة بعد 2015 لاحتواء الضغوط الداخلية.

التغيرات الجيوسياسية: مع تصاعد التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا والصين في الشرق الأوسط، واجه الحزب تحديات في الحفاظ على توازن مصالحه مع حلفائه الغربيين مع تجنب التصعيد.

وبصورة عامة تتسم السياسة الخارجية الألمانية في ظل الحزب المسيحي الديمقراطي تجاه الشرق الأوسط بمزيج من الثبات على المبادئ التاريخية، خاصة دعم إسرائيل، والمرونة في مواجهة الأزمات الإقليمية. ورغم النجاحات في تعزيز الاستقرار والدور الإنساني، فإن التحديات الداخلية والجيوسياسية تفرض على الحزب إعادة تقييم بعض توجهاته. يبقى السؤال المستقبلي: كيف سيوازن الحزب بين قيمه التقليدية وضغوط العالم المتغير عند عودته إلى الحكم ؟

 

مقالات ذات صلة

تقرير رصد السياسة الخارجية الالمانية تجاه الشرق الأوسط 5 مايو 2025

محتوى التقرير:   - رصد أهم تحركات السياسة الخارجية الألمانية. - تقرير حول دراسة مؤسسة SWP الألمانية عن سياسة الحكومة الإسرائيلية -...

تقرير رصد السياسة الخارجية الالمانية تجاه الشرق الأوسط

محتوى التقرير: - رصد أهم تحركات السياسة الخارجية الألمانية. - تقرير للخارجية الألمانية بعنوان استئناف القتال في غزة – ألمانيا...

تقرير حول مضمون دراسة SWP “القرن الأفريقي: حان وقت الدبلوماسية الوقائية”

اسم الكاتب: Gerrit Kurtz رابط الدراسة: https://www.swp-berlin.org/en/publication/horn-of-africa-time-for-preventive-diplomacy تاريخ النشر: 22 مارس 2025 المصدر: معهد Stiftung Wissenschaft und Politik (SWP) - المعهد...

زيارة الملك عبد الله الثاني إلى برلين ومشاركته في القمة العالمية الثالثة للإعاقة

في يوم الأربعاء الموافق 2 أبريل 2025، وصل جلالة الملك عبد الله الثاني، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، إلى...