شهدت العلاقات الألمانية العراقية خلال عام 2024 وحتى مارس 2025 تطورات إيجابية ملحوظة، تعكس التزام البلدين بتعزيز التعاون الثنائي في مجالات متعددة، بما في ذلك الأمن، الاقتصاد، التنمية، والثقافة. تأتي هذه التطورات في إطار جهود مشتركة لدعم استقرار العراق وتعزيز دوره الإقليمي، مع التركيز على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية. يهدف هذا التقرير إلى استعراض أبرز التطورات، مع تحليل دلالاتها وتأثيراتها المحتملة.
- 1. الإطار العام للعلاقات الألمانية العراقية
تربط ألمانيا والعراق علاقات ودية تعود إلى ما قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة، حيث أعيدت العلاقات الدبلوماسية الكاملة في عام 2003 بعد تغيير النظام. خلال عام 2024، واصل البلدان تعزيز هذه العلاقات، مع التركيز على دعم العراق في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية. أكدت السفيرة الألمانية في بغداد، كريستيانه هومان، في يناير 2024، شعورها بالأمان في بغداد، مشيرة إلى تحسن الوضع الأمني بشكل ملحوظ، وأشارت إلى وجود أكثر من 100 شركة ألمانية تعمل في العراق، بالإضافة إلى إنتاج العملة العراقية وجوازات السفر في ألمانيا.
- 2. التطورات الأمنية
2.1. مكافحة الإرهاب
في أكتوبر 2024، قرر البرلمان الألماني (البوندستاغ) تمديد تفويض مشاركة الجيش الألماني في مكافحة تنظيم داعش ضمن عملية “العزم الصلب” للتحالف الدولي. شملت المساهمة الألمانية رحلات التزود بالوقود من الجو، ورحلات الاستطلاع الجوي لنظام أواكس كجزء من مهمة الناتو، بالإضافة إلى تطوير قدرات القوات الأمنية العراقية. أكدت وزارة الخارجية الألمانية أن هذه الخطوة تهدف إلى منع عودة داعش، مع التركيز على دعم العراق في قيادة المعركة ضد الإرهاب بشكل مستقل على المدى المتوسط.
2.2. التنسيق الأمني
في فبراير 2025، التقى نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، مع نيلز أنين، الوكيل السياسي لوزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، على هامش مؤتمر ميونخ للأمن. ناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون الأمني، مع التركيز على دعم قوات الأمن العراقية. أشار حسين إلى أهمية الدعم الألماني في تدريب القوات وتطوير قدراتها، بينما أكد أنين التزام ألمانيا بدعم استقرار العراق.
2.3. تحليل التطورات الأمنية
يعكس تمديد التفويض الألماني التزامًا طويل الأمد بمحاربة الإرهاب، مع التركيز على بناء قدرات العراق الأمنية. يشير هذا الدعم إلى اعتراف ألمانيا بدور العراق كشريك رئيسي في مواجهة التهديدات الإقليمية، مع ترقب لتأثير ذلك على تعزيز الأمن في المنطقة.
- 3. التطورات الاقتصادية
3.1. تعزيز الاستثمارات
في فبراير 2024، عقد رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اجتماعًا مع المستشار الألماني أولاف شولتس على هامش مؤتمر ميونخ للأمن 2024. شهد الاجتماع بحث العلاقات الثنائية وتوسيعها في مختلف القطاعات، وفق خطة العمل المشتركة التي أقرت في برلين عام 2023. أكد السوداني أهمية جذب الاستثمارات الألمانية، خاصة في مجالات الطاقة والبنية التحتية.
3.2. دعم المشاريع التنموية
في فبراير 2025، ناقش حسين وأنين دعم المشاريع التنموية في العراق، مع التركيز على مشاريع الطاقة المتجددة والزراعة. أشار أنين إلى استعداد ألمانيا لتقديم الدعم الفني والمالي، مع التركيز على تعزيز التنمية المستدامة. أكد حسين أن هذه المشاريع ستساهم في تحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص عمل للشباب العراقي.
3.3. تحليل التطورات الاقتصادية
تعكس الاجتماعات الاقتصادية التزام البلدين بتعزيز الشراكة الاقتصادية، مع التركيز على الاستثمارات في القطاعات الحيوية. يشير دعم ألمانيا للمشاريع التنموية إلى محاولتها لتعزيز استقرار العراق اقتصاديًا، مما قد يسهم في جذب استثمارات أوروبية إضافية.
- 4. التطورات الثقافية والإنسانية
4.1. التبادل الثقافي
في نوفمبر 2024، نظمت السفارة الألمانية في بغداد فعاليات ثقافية بالتعاون مع وزارة الثقافة العراقية، تضمنت معارض فنية وعروض سينمائية. ركزت الفعاليات على تعزيز الحوار الثقافي بين البلدين، مع التركيز على دعم المواهب الشابة. أكدت السفيرة هومان أن هذه الفعاليات تعزز الفهم المتبادل وتقوي العلاقات الشعبية.
4.2. المساعدات الإنسانية
في يناير 2025، أعلنت ألمانيا عن تخصيص 30 مليون يورو إضافية للمساعدات الإنسانية في العراق، مع التركيز على دعم النازحين والمجتمعات المتضررة من النزاعات. أكدت وزارة الخارجية الألمانية أن هذه المساعدات تهدف إلى تحسين الأوضاع الإنسانية، مع دعم جهود إعادة الإعمار.
4.3. تحليل التطورات الثقافية والإنسانية
تعكس الفعاليات الثقافية التزام البلدين بتعزيز التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز العلاقات الشعبية. يشير تخصيص المساعدات الإنسانية إلى دور ألمانيا كشريك إنساني رئيسي، مع ترقب لتأثير ذلك على تحسين الأوضاع في العراق.
- 5. التحديات والفرص
5.1. التحديات
الأمن: على الرغم من التحسن الأمني، لا يزال تهديد داعش مستمرًا، مما يتطلب تعاونًا مستمرًا لمواجهة التحديات الأمنية.
الاقتصاد: يواجه العراق تحديات اقتصادية، بما في ذلك البطالة ونقص الاستثمارات. يتطلب ذلك جهودًا مشتركة لدعم التنمية المستدامة.
الثقافة: يتطلب تعزيز التبادل الثقافي استثمارات إضافية في البرامج التعليمية والثقافية.
5.2. الفرص
الأمن: يمكن أن يؤدي الدعم الألماني إلى تعزيز قدرات العراق الأمنية، مما يسهم في استقرار المنطقة.
الاقتصاد: يمكن أن تؤدي الاستثمارات الألمانية في الطاقة المتجددة إلى تحسين البنية التحتية وتوفير فرص عمل.
- 6. التطلعات المستقبلية
الأمن: من المتوقع أن يستمر التعاون الأمني، مع التركيز على بناء قدرات العراق لقيادة المعركة ضد الإرهاب بشكل مستقل.
الاقتصاد: من المتوقع أن تسهم الاستثمارات الألمانية في تعزيز التنمية المستدامة، مع ترقب لتأثير ذلك على تحسين مستوى المعيشة.
وفي الأخير يمكن القول بشكل عام ان العلاقات الألمانية العراقية شهدت خلال عام 2024 وحتى مارس 2025 تطورات إيجابية ملحوظة، مع التركيز على تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي والثقافي. تعكس هذه التطورات التزام البلدين بدعم استقرار العراق وتعزيز دوره الإقليمي، مع مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية. يُعد التعاون الثنائي خطوة إيجابية نحو تعزيز الشراكة، مع ترقب لتأثير ذلك على استقرار المنطقة وتطور العلاقات الأوروبية-العربية.