تناول الإعلام الألماني في الفترة الماضية بشكل موسع حصول حزب البديل الألماني على 18% في استطلاع للرأي، الجدير بالذكر ان حزب البديل كان قد حصل قبل عام واحد على 10% فقط، وهو ما اثار الكثير من التساؤلات والتفسيرات لهذه القفزة الكبيرة التي حصل عليها الحزب مما جعله على قدم المساواة مع الحزب الاشتراكي.
يرى سياسيون مثل رئيس وزراء ولاية ساكسونيا انهالت السيد راينر هاسلوف وزعيم الحزب المسيحي الديمقراطي فردرش نيرز ان سياسات الائتلاف الحكومي الحالي هي السبب في ارتفاع نسبة حزب البديل، حيث أشار رئيس وزراء ساكسونيا انهالت الى ان سياسات الحكومة يجب ان تصل الى الناس وان هناك أولويات خطيرة مثل الحرب في أوكرانيا بينما الحكومة منخرطة في جدل كبير حول اللغة المناسبة للجندر كما انتقد سياسات الحكومة فيما يخص قانون التدفئة المخطط له، مؤكدا ان هذه السياسات للحكومة هي من مهدت للشعوبيين.
بينما قال نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الحاكم ان هذه النسبة سببها قانون التدفئة مشيرا الى ضرورة ان يقوم الحزب بتزويد الناس بمسودة لقانون التدفئة تكون قابلة للتنفيذ وخالية من الأيدلوجيا وبأسعار معقولة.
بينما ترى السيدة ايرين ميهاليتش القيادية في حزب الخضر ان النسبة العالية لحزب البديل بسبب تصرفات ولغة الحزب المسيحي الديمقراطي وان الجدل والتعابير غير المناسبة هي من تسببت في دفع الناس لإعطاء أصواتهم لحزب البديل، بينما لا يوافقها الرأي زعيم المجموعة البرلمانية للحزب المسيحي الحر والذي يرى انه من الجيد والصحي ان يكون هناك اراء مختلفة وان هذا هو ما يعطي الناخب القدرة على اتخاذ قرار ديمقراطي في اختياراته.
ومع هذه النتائج لاستطلاعات الرأي يكون الحزب البديل في المرتبة الثانية بعد حزبي المسيحي الديمقراطي والمسيحي الحر واللذان حصلا على 29%، وهي المرة الثانية التي يحصل فيها حزب البديل على ارقام مرتفعة وذلك بعد انتخابات 2018، وقد كشف الاستطلاع أيضا ان واحدا من كل 5 المان راض عن أداء الائتلاف الحكومي وهو اقل نسبة منذ تشكيل الحكومة.
وفي تحليلات الكثير من الخبراء الالمان يعود هذا الارتفاع في شعبية حزب البديل الى سياسات الهجرة أولا وقلق المواطنين من تكاليفها وعواقبها، بالإضافة الى تكاليف السياسات المناخية والتي لا يبدي حزب البديل أي تفهم حيالها، حيث اظهر الاستطلاع ان ثلثي المتعاطفين مع حزب البديل بسبب قضايا الهجرة واقل من النصف بسبب القضايا المناخية، وعزى الكثير من المحللين ان سبب التوجه نحو حزب البديل هو خيبة امل المواطنين والجدل والتخبط الحكومي الذي افقد الناس الثقة في الديمقراطية ومؤسساتها والى عدم اليقين لدى المواطنين من سياسات الهجرة والمناخ والرعاية الصحية.
واجمع اغلب المحللين ان حالة الجدل والاختلافات الكبيرة بين أعضاء الائتلاف الحاكم غير صحية وان الحكومة يجب ان تعمل كفريق واحد وان يكون أي خلاف او جدل بشكل داخلي وان لا يخرج للعلن وان على الاعلام دور كبير في عدم تأجيج هذه الصراعات وعدم إعطاء الفرصة للشعوبيين بمثل هكذا تصرفات، وجدير بالذكر ان خلاف كبير وجدل حدث بين الخضر والحزب الديمقراطي الحر فيما يخص التدفئة والغاز.
ويرى قياديين في حزب الخضر ان هذه الأرقام تمثل تحذيرا وناقوس خطر للأحزاب الديمقراطية، ودعوا الحزب المسيحي الى التوقف عن استخدام تعبيرات قاسية بحق الحكومة لاسترجاع الأصوات لان هذا حسب رأيهم ما تسبب في اقتراب الناس أكثر من مواقف حزب البديل.
في الجانب الاخر تسببت هذه الاستطلاعات بارتياح كبير لدى قيادات حزب البديل والذي رأت بأن هذه النتائج مجرد بداية واعتبرته مؤشرا على تحقيق إنجازات غير مسبوقة مستقبلا، الا ان الجدير بالذكر ان الاستطلاعات اكدت على ان ثلث المتعاطفين في استطلاعات الرأي عبروا عن قناعتهم بحزب البديل بينما الثلثين كانت مواقفهم مع حزب البديل بناء على استياء من سياسات الحكومة وعلى خيبة الامل من الأحزاب السياسية الأخرى، وهي النسبة التي يمكن استرجاعها في حال تصرفت الأحزاب السياسية بصورة أفضل واستطاعت استعادتهم.