السياسة الخارجية الألمانية في عالم المتغيرات:تحليل لكلمة وزير الخارجية الالماني في منتدى برلين للسياسة الخارجية بتاريخ 23 نوفمبر 2021م
القى وزير الخارجية السيد Heiko Maas كلمة هامة في افتتاح منتدى برلين للسياسة الخارجية والذي اقامته منظمة Konrad Adenauer بتاريخ 23 نوفمبر 2021، وهو المنتدى المستمر منذ عشر سنوات والذي يشكل أحد أهم الملتقيات للمفكرين والسياسيين لمناقشة وتحليل السياسة الخارجية الألمانية، وفي كلمة الوزير إستعرض عددا من النقاط التحليلية المهمة حاول من خلالها استكشاف أسباب الإخفاقات في السياسة الخارجية الألمانية بناء على تحليل الفكر الذي استندت عليه السياسة الخارجية الألمانية في العشر السنوات الأخيرة، داعيا إلى ضرورة صياغة جديدة للسياسة الخارجية الألمانية مبنية على الواقع وبعيدة عن أي أوهام قادت سابقا الى سياسات خارجية غير ناجحة، وفي نفس الوقت التمسك بثوابت معينة ذكرها في كلمته، وفيما يلي تلخيص لأهم ما جاء في الكلمة:
-أشار الى القضايا الدولية التي أثرت على صياغة السياسة الخارجية الالمانية منذ عشر سنوات والمتمثلة في الربيع العربي وأزمة اليورو واللاجئين وسلوك روسيا الدولي وضم شبه جزيرة القرم والعلاقات مع الصين، كما اشار الى المرحلة الصعبة التي عاشتها العلاقات الأطلسية في عهد الرئيس الامريكي السابق ترامب بالإضافة الى خطورة مايقوم به اليمين والشعبوين في تعقيد القضايا الدولية.
– هذه الأزمات تعاملت معها المانيا بشكل أساسي وفقا لمفهوم إدارة الازمات او الحد من الضرر، مشيرا إلى ان التعثر في السياسة الخارجية الالمانية جاء بسبب إهتزاز اليقين بقضايا كانت تعتبر ثابتة مثل تقدم الإتحاد الاوروبي، وان قوة الإقتصاد ستحل محل القوة العسكرية، وبأن العالم يتقارب تحت مباديء الديمقراطية الغربية، وضرب مثلا في افغانستان كمؤشر على عدم ثبات هذه المباديء.
-يجب ان تستمر المانيا في تحمل مسؤولياتها الدولية، ولكن عليها ان تعيد النظر في اهدافها والإنتقال من هدف السياسة الخارجية بدعم وجود حكومات مقبولة لالمانيا الى صياغة اهداف مستقبلية أكثر واقعية.
-أشار إلى ان العالم يمر بعصر التحول ” وهو عنوان المنتدى” وان تعدد الأقطاب سيزيد من المنافسة العالمية إلا أن القضايا العالمية ستخلق في نفس الوقت فرصا أكبر للتعاون الدولي، والمانيا تملك أدوات المنافسة من اقتصاد ومجتمع وحلفاء بالإضافة إلى ان التوقعات بإنكسار الإتحاد الاوروبي و النيتو لم تكن صحيحة.
-يجب على المانيا الإستمرار في تبني نهج السياسة الخارجية الطموح وان يكون هناك سياسة خارجية ليست مجرد إمتداد للسياسة الداخلية وان تقوم على مبدأين رئيسيين وهما: تعزيز المكانة الدولية، والتعاون بصورة أكبر مع جميع دول العالم بما في ذلك الدول التي لا تشارك المانيا قيمها.
-كما تحدث عن الصين قائلا إن النظام الصيني يؤيد القيم الإستبدادية التي لا تؤيدها المانيا ، و يجب أن ينعكس هذا الفهم في السياسة الخارجية الالمانية، وان هذا هو السبب في أن المانيا شكلت تحالفات جديدة ووسعت شراكات مع الدول ذات الفهم المماثل من مجموعة الدول السبع الكبرى و دول المحيطين الهندي والهادئ.
-أكد على أن المبدأ الذي يجب ان يبقى ثابتا في السياسة الخارجية الالمانية هو أوروبا، وأن هناك مسؤولية المانية تجاه الإتحاد الاوروبي يجب ان يمارس عبر الاحساس بالمسؤلية وليس بإصدار التعليمات، وذلك للوصول إلى إستقرار الإتحاد الاوروبي وتماسكه داخليا وخارجيا.
-وفي نهاية الكلمة شدد على ضرورة بناء سياسة خارجية المانية على اسس الحفاظ على تماسك أوروبا داخليًا وجعلها أكثر سيادية ، تعزيز دور ألمانيا وتوسيع التعاون الدولي، ادراك المسؤولية الألمانية في العالم ، بناء كل هذا على أسس واقعية وتجنب ما وصفها ب ” الاوهام” التي أثرت على تحركات المانيا في العشر السنوات الماضية.*
الرأي:
-هناك الكثير من الحديث والابحاث في الفترة القصيرة الماضية حول أهمية رسم سياسة خارجية جديدة لألمانيا وتبدو هذه الفكرة ملحة في ظل تولي الحكومة الجديدة والتغييرات الدولية الحادة التي يشهدها العالم.
-يبدو واضحا في كلمة الوزير انعكاس ما حدث في افغانستان والشعور بضرورة التعامل مع الواقع وأهمية عدم الثقة الكاملة في اليات وثوابت السياسة الدولية الغربية، تجدر الاشارة الى ان المانيا من أول الدول التي أرسلت وفدا رفيع المستوى للتباحث مع طالبان في الدوحة عقب سيطرتها على افغانستان.
-كما تؤكد الكلمة استمرار الثوابت في السياسة الخارجية الالمانية المتمثلة في الاتحاد الاوروبي، العلاقات الاطلسية، الدبلوماسية المتعددة، والمناخ.