تقرير حول موقف المانيا من عودة سوريا لجامعة الدول العربية
مثًل قرار الجامعة العربية بعودة سوريا إليها مؤثرا جديدا على العلاقات العربية الألمانية، وقد تدرجت ردة الفعل الألمانية على أربع مراحل رئيسية:
- عدم التعليق.
- التصريح بأن المانيا علمت بقرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية وان المانيا باقية على موقفها حيال سوريا.
- التصريح بإحترام القرار السيادي للدول الأعضاء في الجامعة العربية، مع التشديد على أهمية ان يكون هناك تنازلات من الجانب السوري في المقابل.
لألمانيا موقف صريح وقوي من النظام السوري والأحداث في سوريا منذ بدايتها، وأشتهرت المانيا بقرار المستشار السابقة السيدة انجيلا ميركل بإحتضان مئات الالاف من اللاجئين الالمان، ومثل الملف السوري أولوية كبيرة لألمانيا.
ومؤخرا واثناء زيارة السيدة بيربوك إلى السعودية وقطر حرصت على مناقشة موضوع عودة سوريا إلى الجامعة العربية مع وزير الخارجية السعودي سمو الأمير فيصل بن فرحان، وادلت بتصريح لوكالة الأنباء الألمانية بأنها قامت اثناء لقاء وزير الخارجية السعودي بالتحذير من مغبة عودة سوريا إلى الجامعة العربية دون شروط مسبقة، وفي الدوحة صرحت أنه من غير الممكن للجامعة العربية أن تتجاهل وحشية الرئيس السوري بشار الأسد بعد عودة سوريا إلى الجامعة.
كما صرح الناطق الرسمي للخارجية الألمانية للشرق الأوسط اثناء زيارة الوزيرة السيدة بيربوك الى الرياض بأن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية واستضافة الأسد في قمتها هو قرار سيادي تحترمه المانيا، وإن كانت نختلف معه، معبرا عن أن موقف المانيا لم يتغير ويتمحور حول المساءلة والعملية السياسية المستندة إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأن هذا وحده من شأنه تحقيق السلام والعدالة للشعب السوري.
وفي رصد ل Embassy حول ردود الفعل السياسية في المانيا، قال السيد ايلمر بروك رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الألماني سابقا ان السعودية فقدت بريقها كدولة تهتم بشؤون الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بدعوتها لبشار الأسد لحضور القمة العربية، وقالت صحيفة لاوزيتسر روندشاور أن بشار الأسد وبرغم وحشيته ” بحسب وصف الصحيفة” وزراعته للمخدرات يبدو انه تلقى عفو عام من الدول العربية، كما قالت صحيفة يوتغه تسايت ان السبب في عودة سوريا يعود إلى فقدان الإدارة الإمريكية والاتحاد الأوروبي تأثيرهما في الشرق الأوسط واعتبرت صحيفة فرانكفورتر الجاماينه ان قرار الجامعة العربية مؤشر خطير على إستمرار الأنظمة العربية في نهج القمع.
كما صرح عدد من البرلمانيين الالمان بتصريحات سلبية حول قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وكات القرار أحد الملفات الرئيسية التي تم مناقشتها في زيارة الوزيرة بيربوك للمنطقة.
الرأي:
شكل القرار نقطة مفصلية في سير الأحداث في الملف السوري، وتسبب في ردود فعل عالمية واسعة ومختلفة، ويلاحظ في الموقف الألماني عنصرين رئيسين:
- التدرج
- التركيز في نقطة عودة اللاجئين كشرط لتطبيع العلاقات مع سوريا
الأكيد ان القرار لن يكون عنصرا إيجابيا يضاف الى العلاقات العربية الألمانية، بل انه يشكل عنصرا سلبيا، ويعتقد أنه سيلقي بظلاله على العلاقات بصورة او بأخرى، مع الأخذ بعين الإعتبار ان العلاقات الألمانية الخليجية تحديدا أصبحت أولوية لألمانيا خاصة في قضايا الطاقة، وقد يصل الموقف الألماني مستقبلا الى عتبات أعلى من التعبير عن الإستياء من هذا القرار.
كما أنه من المهم الإنتباه أن الموقف الألماني مبني على الأسس المبدئية لألمانيا والتي تحاول دائما أن تؤكد التوزان بين المصالح من جهة والمبادئ والقيم التي تقف عندها من جهة أخرى، وتحرص ألمانيا دائما على إظهار أن مصالحها لا تمنعها من التمسك بمبادئها وهو السبب في التصريحات حول قضايا حقوق الإنسان والقضايا الخلافية الأخرى غداة الزيارات إلى دول المنطقة.
نقطة أخيرة يجب الإنتباه لها أثناء تحليل الموقف الألماني، وهو أن هذا الملف لا يشكل فقط ملف سياسة خارجية، بل أنه يمثل قضية سياسية داخلية بدرجة كبيرة، وملف يتم إستخدامه في التفاعلات السياسية بين الأحزاب الألمانية بل ويتم التنافس حوله ومحاولة كل حزب الوصول إلى عتبه أعلى من الحزب الأخر، وهذا يشكل مؤثر رئيسي على حركة وتعامل المانيا مع هذا الملف على المستوى الخارجي.